القائمة الرئيسية

الصفحات

تحالف بلا وزن: الجزائر وزيمبابوي يتوهمان تغيير النظام العالمي

الجزائر تبون


في مشهد أثار موجة من السخرية على منصات التواصل الاجتماعي، خرجت الجزائر وزيمبابوي بتصريحات تحمل طابعًا ثوريًا مبالغًا فيه، يوحي بأن البلدين بصدد إحداث تغيير جذري في النظام العالمي. وجاء هذا التصريح على لسان رئيس زيمبابوي، إيمرسون منانغاغوا، عقب زيارته الرسمية للجزائر، حيث قال: "زيارتنا للجزائر تؤكد إرادتنا المشتركة لتغيير النظام العالمي". وهي عبارة بدت أقرب إلى خطاب عاطفي من زمن مضى، ولا تعكس بأي حال من الأحوال الواقع السياسي أو موازين القوى التي تحكم العلاقات الدولية الراهنة.

الزيارة، التي استمرت يومين، لم تحمل في طياتها أي إشارات جادة نحو انفراج اقتصادي أو تحول دبلوماسي ذي شأن، بل طغى عليها الطابع الاحتفالي المليء بالشعارات، في وقت تعاني فيه الجزائر من أزمة اقتصادية خانقة، وتقف زيمبابوي على حافة الانهيار بفعل التضخم والفساد المستشري. ورغم هذه الأوضاع المتأزمة، خرج الطرفان بخطابات عن "تغيير النظام العالمي"، وكأنهما يقودان العالم من قمة هرم القرار الدولي، ما يضفي على المشهد طابعًا عبثيًا يتجاوز حدود الطموح، ليصل إلى ما يمكن وصفه بمحاولة للهروب من الواقع وتصدير الأوهام بدل مواجهة الأزمات الداخلية.

الزيارة لم تسفر عن أي مبادرات عملية أو مشاريع إقليمية يمكن أن تساهم في تغيير وجه القارة الإفريقية، بل اقتصرت على توقيع بروتوكولات شكلية اعتاد عليها الطرفان في كل مناسبة مماثلة، دون أن تترك أثرًا ملموسًا في حياة المواطنين في كلا البلدين. ولذلك، فإن الحديث عن تشكيل محور اقتصادي جديد أو تحقيق "توازن دولي عادل"، كما جاء في تصريحات المسؤولين، لا يعدو كونه محاولة لتلميع صورة سلطات فقدت رصيدها الشعبي وتعاني من عزلة دولية متزايدة.

الجزائر، التي تواجه تحديات في تنويع اقتصادها، وتعاني من هروب الاستثمارات واحتقان اجتماعي متصاعد، تجد في الخطابات السيادية، مثل "تغيير النظام العالمي"، متنفسًا لرفع منسوب الخطاب السياسي، بينما الواقع يكشف عن تراجع دورها حتى في محيطها الإقليمي المغاربي والإفريقي. أما زيمبابوي، التي كانت في يوم من الأيام تُلقب بـ"سلة خبز إفريقيا"، فقد أصبحت واحدة من أكثر دول العالم هشاشة، يهاجر شعبها بحثًا عن لقمة العيش، لا عن التأثير في النظام العالمي.

ما حدث في الجزائر خلال شهر يوليو لا يمكن فهمه إلا ضمن سياق عرض دبلوماسي فارغ من المضمون، حاول من خلاله الطرفان تقمص دور قيادي لا يملكان أدواته. وإذا كان من خلاصة تُستشف من هذه الزيارة، فهي أن الخطابات الرنانة، حين تفتقر إلى أسس واقعية، لا تعدو كونها نكاتًا سياسية باهتة تُروى في صيف متخم بالتناقضات.



تعليقات